ميكي 17: رحلة في الفضاء البعيد بين السادة والعبيد
تطرح فرضية مثيرة للفيلم الكوري “ميكي 17″، الذي أخرجه بونج جون هو، سؤالاً هامًا: إذا كان بالإمكان تخزين هوية الإنسان على شريحة إلكترونية واستنساخ الجسد بالمواصفات نفسها، فما الذي يمنع الإنسان من التكرار بعد الموت؟
يستند الفيلم على نوعه الفني المفضل، وهو قصص الخيال العلمي التي تدور في عالم مستقبلي خيالي، لكنه يสะتير الواقع الاقتصادي والسياسي وعلاقات السلطة والخضوع على مستوى الأفراد والطبقات، كما فعل من قبل في فيلم “Snowpiercer” ومسلسل “Okja”.
فرضيات الفيلم
يستقي “ميكي 17” فرضياته من أعمال بونج جون هو السابقة، مثل فكرة اتحاد العلماء والأثرياء للنجاة في حالة دمار كوكب الأرض، باختراع تقنيات جديدة يستخدمها الناجون. كما عالج الفيلم فكرة الاستنساخ والكائنات المخلقة بالهندسة الوراثية، والتي سبق أن عالجها جون هو في فيلم “Okja”، وتداعياتها الأخلاقية والبيئية.
الخيال العلمي في أعمال جون هو لا يتعلق بالآلات أو الذكاء الاصطناعي أو حروب الكواكب الأخرى، ولكنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإنسان والأنظمة الاجتماعية والأخلاقية التي تحكومه، وتحوله إما إلى مستغل أو مستغل، إلى وحش أو كائن طفيلي.
سادة وعبيد في الفضاء البعيد
تدور أحداث “ميكي 17” في عام 2050، حيث يستطيع العلماء تحقيق حلم السفر إلى الكواكب، ولكن هذا السفر يقتصر على الأثرياء وأصحاب السلطة. يبدأ الفيلم بشركة سفريات الكوكب الجديد التي تطلب موظفين وعمالًا في مهن مختلفة، ومن بين المتقدمين شابان هاربان من ديون رجال العصابات.
يتقدم أحدهما لمهنة قائد سفينة، بينما الثاني، عديم الإمكانيات، بطلنا، ميكي بارنز، يتقدم لمهنة “مستهلك” أو “قابل للتخلص منه”. يعمل “ميكي” كفأر تجارب معملية، يتم إرساله في مهمات على الكوكب الجديد.
تعليقات سياسية
كما في أعماله السابقة، يفحص جون هو العلاقة بين الرأسمالية والفاشية، وكيف تؤدي الأولى إلى الثانية بالضرورة، وتعززها. يتعامل الفيلم مع قضايا مثل معاملة المهاجرين والفقراء، وحرية الرأي، ومن خلال أداء مارك روفالو الساخر الذي يقلد فيه الرئيس ترمب، يحمل الفيلم إحالات لا تخفى على أحد عن عالم اليوم.
ولكن الحقيقة أن الفيلم ليس مجرد تعليق على السياسات الحالية، بقدر ما هو تعليق على النظام بشكل عام. يغلف جون هو فيلمه بحسه الساخر المميز، الذي استخدمه بنجاح فائق في “Parasite”، ولكنه هنا أغرب مذاقًا وصادم أو مقزز في بعض الأحيان.
بناء غير متماسك
يبلغ زمن “ميكي 17” حوالي ساعتين وربع الساعة، وهو زمن ليس طويلاً نسبيًا، ولكن يبدو أطول على الشاشة بسبب البناء غير المتماسك والخلل الإيقاعي في منتصف الفيلم. هناك خطوط درامية كثيرة كان يمكن الاستغناء عن بعضها، بينما كانت بعض الخطوط تحتاج إلى مزيد من الإشباع.
تكلف الفيلم 180 مليون دولارًا، وهو رقم فلكي مقارنة بأعمال المخرج السابقة، قليلة التكلفة. ومع ذلك، فإن الفيلم دليل آخر على أن المال وحده لا يكفي لصنع فيلم عظيم، بل أحيانًا ما يربك العملية الإبداعية ويشتتها.