إسرائيل تتوسع في عدوانها… «الحل العسكري لكل المشاكل»
منذ عام 1967، تعاني القيادات الإسرائيلية من عقدة الغرور المتغطرس، والتي تتحكم في عقيدتهم. عقلية الحل العسكري لكل المشاكل أصبحت سمة مميزة لسياستهم. هذا الوضع واضح في الجبهة الشمالية، حيث هناك تهديدات محتملة من الجيش السوري ومحور المقاومة السني أو إعادة إحياء المحور الإيراني. لذلك، على إسرائيل إنشاء ممر في جنوب سوريا من هضبة الجولان إلى المناطق الكردية.
التنف هي نقطة استراتيجية حرجة عند تقاطع الطرق بين سوريا والأردن والعراق، وعلى الطريق من بغداد إلى دمشق. هذا الموقع يجعلها جزءاً أساسياً من أي استراتيجية إقليمية. الولايات المتحدة أسست قاعدة عسكرية هناك وأنشأت منطقة منزوعة السلاح بدعم من المتمردين المحليين. مع تغير النظام في سوريا والتهديد المتناقص من داعش وعزوف إدارة ترمب عن التدخل العالمي، ثمة احتمال كبير للانسحاب الأميركي من التنف. في هذه الحالة، ستحتلها الميليشيات الموالية لإيران أو قوات داعش أو قوات المتشددين التابعة للنظام السوري الجديد.
أزمة خالدة
في 7 أكتوبر، تلقت عقلية الحل العسكري هذه ضربة قاصمة. إسرائيل، بكل جبروتها العسكري، فشلت في رصد هجوم حماس، الذي يُعدّ تنظيماً مسلحاً صغيراً ومحدوداً، واحتاجت إلى ساعات طويلة حتى تمكنت من وقفه. ثم دخلت حرباً شرسة غير مسبوقة للانتقام.
حماس، من جهتها، نفذت هجوماً عسكرياً فوجئت هي نفسها بنتائجه. تمكنت في غضون ساعات قليلة من تحطيم الحواجز الحدودية المحصنة، واحتلت 11 موقعاً عسكرياً و22 بلدة مدنية. خطفت 251 جندياً وضابطاً ومدنياً، وراحت تقاوم الهجوم الإسرائيلي بشبكة أنفاق ضخمة وعمليات عسكرية نوعية.
خطط إسرائيل وأطماعها
القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية تريد استعادة الهيبة أمام جيوش العالم. الجيش Ис
رائيلي يعدّ واحداً من أقوى عشرة جيوش في العالم، ويساهم بتدريب 34 جيشاً لمختلف دول العالم ويشارك جيوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بتطوير الأسلحة والتكنولوجيا الحربية.
أولاً، عبر الانتقام بلا رحمة من غزة كلها، بقضها وقضيضها. حقاً قتلت إسرائيل أكثر من 50 ألفاً، معظمهم أطفال ونساء ومرضى ومسنون. دمّرت جميع الجامعات ونصف المدارس وثلث المساجد وألحقت أضراراً بالكنائس الثلاث وشلّت كل المستشفيات وهدمت أكثر من ثلثي البيوت والعمارات. حطمت الاقتصاد، ومارست التجويع والتعطيش واستخدمت في ذلك أفتك أنواع الأسلحة.
ثم إنها مع كل تقدّم في عملياتها، ازداد نهمها فراحت تحتل الأرض وتقيم المواقع العسكرية في الأراضي العربية. وحتى بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، احتلت الأرض ودكّت القدرات الهجومية والدفاعية للجيش السوري، كما نفذت غارات على الأراضي الإيرانية وفي اليمن.
هي، بينما تحاول الآن إقناع واشنطن بأن الفرصة مواتية لتنفيذ هجوم على إيران يشلّ مشروعها النووي، بدأت تتكلّم عن «الإمبريالية التركية الجديدة» و«تهديد الجيش المصري». المشكلة الكبرى في هذه الأطماع كونها نابعة من قناعات بأن قادة إسرائيل، يقولون صراحة إنهم يريدون أن يدفع العرب ثمن هجوم حماس بخسارة الأرض. وفعلاً، طرح بعضهم مشروع التهجير «الطوعي»، ووضعوا مخطّطات عملية، وشكّلوا لجنة حكومية لتنفيذ المشروع. وقسم جدّي منهم يتكلّم عن «الانتصار الكامل» و«تغيير وجه الشرق الأوسط» لصالح إسرائيل.