تحول المعنى: كيف أصبحت "معارض أربيل" رمزًا للانفلات الليلي
أصبحت عبارة "معارض أربيل" في الآونة الأخيرة مادة يومية للطرائف والدعابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها سرعان ما فقدت طابعها الترفيهي، لتصبح رمزًا مركّبًا يختزل مفارقات المدينة التي تجمع بين النظام والانفتاح، بين الجمال المدني والانفلات الليلي. ففيما كان يُقصد بها سابقًا معارض السيارات التي تشتهر بها العاصمة الكردية، باتت المفردة مرادفًا شعبيًا للنوادي الليلية، وتعبيرًا ساخرًا عن ازدهار تجارة الجنس في المدينة.
الباحث سيروان كمال: الانفتاح والانفلات الليلي
يوضح الباحث في الشأن الاجتماعي سيروان كمال هذا التحول الدلالي، قائلاً إن "أربيل ما زالت فعلًا تحتضن عددًا كبيرًا من معارض السيارات، ويُقبل عليها المواطنون من محافظات الوسط والجنوب لأسباب منها النظافة وسلاسة التعامل الإداري في التسجيل"، إلا أن المفارقة أن ذات المصطلح أصبح مرتبطًا في أذهان الناس بـ"معارض من نوع آخر"، يقصد بها انتشار النوادي الليلية التي تقدم خدمات تتجاوز الترفيه التقليدي.
تحول المدينة إلى بيئة حاضنة للنشاطات الليلية
ويرجع كمال هذا التغيّر إلى "الانفتاح الذي تمارسه حكومة الإقليم، إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الجنسيات الأجنبية، ما أسهم في تحوّل المدينة إلى بيئة حاضنة للنشاطات الليلية، وسط غياب شبه تام للرقابة الفعلية"، لافتًا إلى أن "الكثير من هذه النوادي تابعة لأطراف نافذة، ما يجعلها بمأمن من المساءلة القانونية، ويخلق نوعًا من الحصانة غير المعلنة".
الهروب إلى أربيل: خيار الفن والهوى
ويتحدث كمال عن موجة انتقال كبيرة للعاملين في هذا القطاع من بغداد ومدن أخرى إلى أربيل، بمن فيهم المطربون، والعاملات في النوادي، وحتى من يمارسن البغاء، بسبب المضايقات الأمنية والاجتماعية في مناطقهم الأصلية. ويشير إلى أن "حالات قتل وتهديد طالت العديد من العاملين في هذا المجال في بغداد، ما جعل أربيل تبدو أكثر أمنًا وجذبًا لهؤلاء"، خصوصًا مع وجود شبكة حماية غير رسمية تمنح هذه النشاطات غطاءً من الحماية مقابل علاقات معقّدة مع أصحاب النفوذ.
تأثير على سمعة المدينة
وعلى الرغم من أن "الترند" بدأ كمزحة، إلا أن آثاره النفسية والاجتماعية باتت ملموسة. فالشاب الذي يقرر زيارة أربيل للسياحة أو شراء سيارة، بات عرضة لنوع من "الوصم الضمني"، وكأن المدينة فقدت براءتها الرمزية، بحسب كمال، الذي يرى أن "هذا الخطاب الساخر يُلحق ضررًا تدريجيًا بسمعة مدينة لها تاريخ أكاديمي وثقافي عريق، وفيها علماء وأدباء ومعالم سياحية محترمة".
ترف سياحي أم انفلات منضبط؟
في السنوات الأخيرة، تحوّلت أربيل إلى مركز جذب سياحي داخلي، وبدت في نظر الكثيرين من أبناء الوسط والجنوب العراقي أقرب إلى "دبي العراق"، لكن هذا الانفتاح لم يكن مصحوبًا بسياسات اجتماعية حامية أو رؤية ثقافية شاملة، بل ترك المجال مفتوحًا أمام مظاهر الترف الليلي وتجارة الجنس المقننة تحت عناوين "سياحية" أو "فنية".